03
يونيو

السعودية المصرية تخطط لاستثمار 120 مليون جنيه

❏ نركز على اختراق منطقة الصعيد.. ودراسة التواجد بمحور قناة السويس
❏ ضخ 100 مليون جنيه «فاركو ماك» لإضافة خط إنتاج لعلاج الكلى
❏ تقييم المساهمة بـ«الإسكندرية لأسود الكربون» لاتخاذ القرار المناسب
❏ العلاقات السعودية المصرية وطيدة.. والقرار الاستثمارى بعيد عن السياسة

شريف عمر

وضعت الشركة السعودية المصرية للاستثمارات الصناعية خطة طموحًا لضخ استثمارات جديدة بالسوق المصرية؛ للاستفادة من قرارات الإصلاح الاقتصادى التى أطلقتها حكومة المهندس شريف إسماعيل، ومنها تحرير سعر الصرف، بجانب إصدار قانون للاستثمار، وسط اهتمام لافت من إدارة الشركة بالبحث عن فرص استثمارية بقطاعى الأغذية والأدوية بمصر.

«المال» أجرت حوارًا موسعًا مع الإدارة التنفيذية للشركة، وعلى رأسهم على العايد، رئيس مجلس الإدارة، وهو سعودى الجنسية، للتعرف على أبرز خطط الشركة الاستثمارية فى السوق المصرية، وأبرز القطاعات التى تدرس اختراقها، وحجم الاستثمارات المرصودة للعام الحالى، بجانب التعرف على رؤية الشركة حول طبيعة التحديات، والفرص المتاحة بالسوق المصرية.

أوضح العايد أن الشركة خصت 120 مليون جنيه للاستثمار بمصر فى العام الحالى، والدخول فى مفاوضات للاستحواذ على إحدى الشركات الغذائية، والسعى للاستثمار فى المشروع القومى لتنمية محور قناة السويس، والاستفادة من قانون الاستثمار الجديد، لإنشاء مشروعات صناعية بمنطقة الصعيد والتى تتسم بالإعفاءات الضريبية.

وتعتبر الشركة السعودية المصرية للاستثمارات الصناعية إحدى ثمرات التعاون المشترك بين حكومتى المملكة السعودية ومصر، وتأست عام 1974 بهدف تدعيم العمل المشترك وتطوير التعاون الاقتصادى بين البلدين، ويبلغ رأسمالها 77 مليون دولار، فيما تبلغ قيمة محفظتها الاستثمارية بمصر نحو مليار جنيه، وتسهم فى 7 شركات تعمل فى السوق المحلية.

إيجابية قرار التعويم

وقال العايد، إن قرار تحرير سعر الصرف «التعويم» الصادر فى نوفمبر الماضى، أزال بعض التحديات التى عرقلت انطلاقة قطاع الصناعة المصرية، وعزّز قدرتها فى لعب دور رئيسى بتوفير المنتجات التى يتم استيرادها والإحلال بديلًا عنها، بجانب خلق فرص تصديرية جيدة بعد ارتفاع تنافسية الصناعة المحلية.

وأشار إلى أن قرار التعويم دفع مجلس إدارة الشركة لاتخاذ قرارات جريئة بخصوص الاستثمارات الجديدة بالسوق المصرية، مع التركيز على قطاعى الصناعات الغذائية، والدوائية والمستلزمات الطبية، فى إطار رؤية عامة بالمساهمة فى توفير المنتجات المرتبطة بمعيشة المواطن المصرى من الطعام والعلاج للإحلال محل الواردات.

وأكد أن استراتيجية الشركة منذ التأسيس خلال القرن الماضى تكمن فى التركيز على الصناعة بالسوق المصرية؛ لقناعة الحكومتين المصرية والسعودية بأن الصناعة هى المجال الرئيسى القادر على خلق فرص عمل متزايدة.

وأوضح أن أول استثمارات الشركة خلال العام الحالى جاءت بالاستحواذ على حصة 38% بشركة فاركو ماك لتصنيع المستلزمات الطبية بقيمة 35 مليون جنيه، وتسعى «السعودية المصرية» ﻹضافة مزيد من خطوط الإنتاج وتصنيع المستلزمات الطبية المرتبطة بعلاج الكلى وتوفيرها بالسوق المصرية.

وتابع: عملت «السعودية المصرية» على زيادة حصتها بشركة أكتوبر فارما المقيَّدة بالبورصة المصرية، وهناك مساعٍ جادة لزيادة إنتاجية الشركة وتدعيم فرص النمو وزيادة الحصة السوقية.

وفى يناير الماضى أعلنت شركة أكتوبر فارما عن قيام «الشركة السعودية المصرية للاستثمارات الصناعية» بزيادة نسبة مساهمتها إلى %24.9 من رأسمالها، مقابل شراء حصة صندوق تنمية الجامعات الذى رغب فى التخارج من «أكتوبر فارما».

استثمارات العام الحالى

وأوضح رئيس مجلس إدارة «السعودية المصرية للاستثمارات الصناعية»، أن الشركة ترصد استثمارات بـ120 مليون جنيه خلال العام الحالى من السيولة الذاتية المتاحة بالشركة، مع التركيز على فرص قطاعى الأدوية والأغذية.

وأشار إلى أن الشركة دخلت مفاوضات جادة مع ملاك إحدى الشركات الغذائية متوسطة الحجم، والتى تملك مصنعًا لإنتاج العصائر والأجبان بإحدى محافظات مصر؛ للاستحواذ على حصة بها، سواء بشراء حصة أحد المساهمين أو زيادة رأسمال الشركة الغذائية.

وألمح إلى أن شركته عينت إحدى الشركات المالية المعروفة مستشارًا ماليًّا مستقلًّا لتقييم شركة الأغذية، وأنهت الشركة المالية بدورها الدراسة المسندة إليها، خلال الأسابيع القليلة الماضية، وسلّمتها لإدارة «السعودية المصرية»، ويتوقع الانتهاء من الصفقة خلال أكتوبر المقبل على أقصى تقدير، وسيتم الإعلان عن التفاصيل بمجرد توقيع العقود بين الطرفين.

وتطرَّق إلى أن الشركة مهتمة بزيادة استثماراتها فى قطاع الصناعات الدوائية خلال المرحلة الحالية، إلا أن وجود العديد من التحديات والطبيعة الخاصة لصناعة الأدوية من حيث التسعير والحصول على الموافقات الحكومية اللازمة، أجبر الشركة على التروى وإجراء مزيد من الدراسات والبحث عن الفرص الاستثمارية الواعدة.

وقال: قد لا يشهد العام الحالى تنفيذ أى صفقات جديدة بقطاع الأدوية، وهناك احتمالية لتعيين مستشار مالى مستقل لتقييم الأوضاع الاستثمارية ومستقبل قطاع الأدوية خلال السنوات المقبلة.

الاستراتيجية

وأكد العايد أن إدارة الشركة تفضل فى المرحلة الراهنة الدخول والاستثمار فى شركات قائمة فعليًّا وتملك أصولًا، بدلًا من الاستثمار فى الشركات حديثة النشأة والتأسيس «جرين فيلد» وتفادى خطوات الحصول على التراخيص والتسجيلات البيروقراطية اللازمة للتأسيس، لكنه لم ينكر اهتمام الشركة بالدخول فى هذه النوعية من المشروعات خلال السنوات المقبلة، مستشهدًا بالتجارب السابقة للشركات فى تأسيس بعض الشركات الصناعية بالسوق المحلية.

وأوضح أن الشركة السعودية المصرية تهتم بالاستثمار فى الشركات متوسطة الحجم، والتى تتراوح قيمتها السوقية بين 250 و500 مليون جنيه، والتى تتسم بحاجتها لرأس المال لاستكمال العملية الإنتاجية، وتمتلك فرصًا جيدة للنمو، سواء فى بيع منتجاتها بالسوق المحلية أو تصديرها.

وذكر أن مدة استثمار الشركة السعودية المصرية فى بعض كياناتها التابعة تتراوح بين 3 و5 سنوات، وهى مدة كافية للانتقال بالشركة من الحجم المتوسط إلى الكبير وتحقيق النمو المرجو، والتأكد من قدرة الشركة على الاستمرار حتى فى مرحلة ما بعد التخارج.
مستقبل المشروعات فى مصر

ورأى أن منطقة الصعيد بمصر من أبرز المناطق الواعدة صناعيًّا فى السوق المحلية، لعدة مقومات، منها أنها سوق تنمو باستمرار، كما أنها قريبة من موانئ البحر الأحمر، بجانب الامتيازات الأخيرة الواردة فى قانون الاستثمار والتى تمنح مشروعات الصعيد الجديدة إعفاءات تصل إلى 5 سنوات، وقد تلجأ الشركة للتفكير فى ضخ استثمارات جديدة بتلك المنطقة وإقامة مشروعات صناعية.

وأكد اهتمام الشركة بالاستثمار فى المشروع القومى لمحور تنمية قناة السويس، موضحًا أن الشركة تتابع باهتمام تطورات المشروع وتنظر لمشروعاته باعتبارها مشروعات العقد المقبل فى مصر، وتسعى بالتعاون مع شركائها الحاليين فى البحث عن أى فرص لإقامة مشروعات صناعية داخل المحور.

وقال العايد إن الشركة مستمرة فى استثماراتها بالسوق المصرية، كما أن القرار الاستثمارى بعيد عن طبيعة العلاقات السياسية، قائلًا: الشركة تأسست عام 1975 وما زالت متواجدة بالسوق المصرية، كما أن العلاقات السعودية والمصرية وطيدة وعلى أفضل ما يكون فى الوقت الحالى.

توصيات تحسين المناخ

وعن رؤيته لمناخ الاستثمار بالسوق المصرية، والروشتة اللازمة ﻹصلاح أى عراقيل أو تحديات أمام الاستثمارات، اكتفى بالإشارة إلى نقطتين، الأولى تخفيض حدة الإجراءات الرقابية الحكومية والتراخيص التى تعرقل الاستثمار، سواء المحلى أو الأجنبى، بالإضافة إلى آليات التسعير، شارحًا: من غير المقبول تعطل محاضر مجالس الإدارات لمدة زمنية طويلة، كما أنه لا بديل عن اتجاه الحكومة للاستفادة من التنظيمات الذاتية للمستثمرين وملاك المصانع والنقابات والغرف التجارية فى مراقبة وتنظيم الصناعة.

وتابع: أصحاب المصانع والغرف التجارية هم الأكثر قدرة من الجهات الحكومية، على تحديد مشكلات الصناعة ووضع الحلول اللازمة لها للحفاظ على تنافسية المنتجات وزيادة التصدير، كما أنهم الأحرص على جودة المنتجات التى يتم تصديرها.

وتطرَّق إلى النقطة الثانية، وهى ضرورة خفض سعر الفائدة من جانب البنك المركزى، قائلًا: «المركزى» لجأ لرفع الفائدة لمحاربة وحش التضخم، لكن مناخ الاستثمار غير مُواتٍ، لاحظ انخفاض حجم التمويلات البنكية للشركات العاملة فى السوق المحلية، وهو التهديد الأكبر للاستثمار، ولا بديل عن توجه المركزى لخفض أسعار الفائدة لأقل من %10، فى إطار حاجة السوق لجذب مزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية.

واستطرد: «المركزى» قد ينجح فى مواجهة ارتفاع التضخم عبر رفع الفائدة، لكن ذلك سيكون على حساب الاستثمار، وبشكل عام لا يمكن لأى سوق تحاول جذب استثمارات أن تنجح فى ذلك بوجود معدلات الفائدة الحالية، أى مستثمر سيلجأ لاستثمار السيولة المتاحة فى شراء الأدوات المالية الحكومية مرتفعة العائد.

ونوّه بأن قانون الاستثمار الجديد قدم العديد من التيسيرات اللازمة للمستثمرين، إلا أن السوق ما زالت تنتظر الممارسة الحقيقية للقانون.

الشركات التابعة وآليات التطوير

وأوضح أن الشركة تملك 7 شركات تابعة تعمل فى السوق المحلية، بقطاعات الأدوية، والمستلزمات الطبية، والبتروكيماويات، والمواتير، والخدمات البترولية، وهناك خطة لزيادة عددها إلى 15 شركة بحلول عام 2020، مع التخطيط لضخ استثمارات فى حدود 100 مليون دولار من خلال الشراكة مع مستثمرين جدد.

ولفت إلى أن إدارة الشركة متفائلة بجاذبية قطاع الصناعة خلال السنوات الخمس المقبلة، كما يملك القطاع القدرة على حذب رءوس أموال من القطاعات النشطة حاليًّا، ومنها العقارات على سبيل المثال، مؤكدًا أن الصناعات التحويلية قد تحتل صدارة اهتمام رءوس الأموال.

وأكد أن الشركة تخطط لإضافة خط إنتاج جديد للمرشحات داخل مصنع «فاركو ماك» بالإسكندرية، خاصة أن المصنع ينتج حاليًّا مستلزمات طبية مثل الكانيولا، والشركة ترغب فى تصنيع المنتج الأساسى فى علاج مرضى الكلى، وهو المرشحات، مضيفًا: الاستثمارات الجديدة قد تصل إلى 100 مليون جنيه، وقد يتم اللجوء للاقتراض البنكى؛ للاستفادة من مبادرة البنك المركزى فى إقراض الشركات الصناعية بأسعار فائدة مناسبة.

وأضاف أن مدة تنفيذ الخط الجديد قد تبلغ سنة ونصف السنة، وبدأت الشركة الأعمال الإنشائية، «وجارٍ التفاوض مع إحدى الشركات الأجنبية لتوريد الخط، وأود الإشارة إلى أهمية تركيز رءوس الأموال العربية والوطنية فى ضخ استثمارات ببعض الصناعات التى تعوِّض الاستيراد وتقلص فجوة توفير بعض المستلزمات غير المتوافرة بالسوق المصرية».

وعن شركة الإسكندرية لأسود الكربون أكد العايد أن الشركة السعودية المصرية تملك 8% من رأسمالها، فيما تتوزع أغلبية الحصة المتبقية لصالح الشريك الهندى شركة إديتا بيرلا، وتملك الشركة مصنعًا بالإسكندرية، ويبلغ رأسمالها 100 مليون دولار وتنتج مادة الكربون المستخدمة فى صناعة إطارات السيارات، فيما يعتبر الشريك الهندى من أبرز الشركات العالمية العاملة فى هذا المجال ويستحوذ على %20 من إجمالى الإنتاج العالمى.

وذكر أن «السعودية المصرية» تعاقدت مؤخرًا مع إحدى شركات الاستشارات المالية؛ لتقييم حصتها فى «الإسكندرية لأسود الكربون»؛ لاختيار أنسب البدائل الاستثمارية لحصة مساهمة الشركة السعودية، ومن المنتظر إنهاء التقييم قبل نهاية العام الحالى.

ووفقًا للموقع الإلكترونى للشركة «السعودية المصرية»، تم تأسيس «الإسكندرية لأسود الكربون» عام 1993، وتنتج المادة الخام المستخدمة فى صناعة إطارات السيارات والمنسوجات، وتملك 5 خطوط إنتاج بمنطقة العامرية بالإسكندرية، ويبلغ رأسمالها 100 مليون جنيه، وتسيطر السعودية على %8 من رأس المال.

فيما تطرَّق لمساهمة الشركة السعودية بشركة العربية للصلب المخصوص «أركو ستيل»، التى تبلغ %6 فقط، ووصفها بحصة الأقلية، بينما يتوزع باقى الملكية بين بنك الاستثمار القومى، والبنك الأهلى، وشركات تأمين.
ويوضح الموقع الإلكترونى للسعودية المصرية أنها تسهم بـ%8 فى رأسمال شركة الإسكندرية للإضافات البترولية، والتى تأسست عام 1999 وتعمل فى مجال إدارة وتشغيل وإنتاج الإضافات البترولية كالزيوت وكيماويات الحفر ومحسنات اللزوجة، وتتواجد بمنطقة العامرية بالإسكندرية، وبلغ إجمالى استثماراتها بنهاية 2015 نحو 170 مليون جنيه.

وأكد العايد مساهمة «السعودية المصرية» بـ%15 من رأسمال شركة فليكس باك للمستلزمات، والتى يبلغ رأسمالها 90 مليون جنيه، وتشاركها فى رأس المال شركة أكديما الطبية، مشيرًا إلى وجود خطة لتطوير أعمال الشركة خلال المرحلة المقبلة بعد معاناتها من ارتفاع تكاليف الإنتاج لاعتمادها على استيراد المادة الخام.

ونوه بأن «فليكس باك» تملك مصنعًا بالمنطقة الصناعية بالسادس من أكتوبر، وتنتج المواد المستخدمة فى تعبئة وتغليف الأدوية وبعض المستحضرات كمعجون الأسنان، والأغذية.

وأكد أن الشركة تدرس اللجوء خلال السنوات المقبلة لقيد بعض الشركات التابعة فى البورصة المصرية؛ بغرض الاستفادة من الدور التمويلى لسوق الأوراق المالية.

ويملك العايد خلفية مهنية جيدة فى العمل بالسوق السعودية، وتولَّى خلال السنوات القليلة الماضية، إدارة صندوق التنمية الصناعية داخل المملكة.

المصدر